بسم الله الرحمن الرحيم،
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين، ولا سيّما بقية الله في الأرضين.
في الذكرى الثالثة والثلاثين لرحيل زعيم الامة وصانع الجمهورية الاسلامية المباركة في ايران آية الله العظمى الامام السيد روح الله الموسوي الخميني (قُدِّس سرُّه الشريف) نقف بإجلال للقائد الكبير الذي تصدى للاستكبار العالمي والصهيونية البغيضة، ولم يناور ولم يهادن لا قبل انتصار الثورة الاسلامية ولا بعدها وكان شعاره ان (ارادة الله سبحانه وتعالى وكرامة الشعوب هما المنتصر مهما استشرس أعداء الدين والبشرية على امتداد التاريخ).
إن نور الإمام الخميني (رضوان الله عليه) يفيض ليس على إيران فحسب بل على العالم بأسره هدياً وثباتاً وعطاءاً وإخلاصاً وحباً و تقديراً .. وعزة نفس وإباء ورفعة خلق وانطلاق وإن روحه بقيت هدياً وشمساً لا تغيب.
إن نهج الإمام الخميني نهج مستمر ينير العقول بعد القلوب ويدفع إلى العمل والنهضة والعطاء بإخلاص وكرامة وإباء فالشعوب تشرب من فكر الإمام (رضوان الله عليه) ولذا فهو يبذل قصارى جهده من أجل الوطن ونهضة الوطن ومن أجل الإسلام والدفاع عن الرسالة المحمدية.
ان الإمام الخميني (رضوان الله عليه) لم يترك أي مجال من مجالات الحياة إلا وعبر عنها ووضع الحلول لكل معضلة سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو مالية.. يهتدي بهدي قلبه النابض بالإيمان وروحه العاشقة للنفح الرباني ويسير بنهج الحسين (عليه السلام) وشهداء كربلاء الذين ضحوا بأنفسهم من أجل بقاء الإسلام.
الإمام الخميني (رضوان الله عليه) كان همه الإسلام والقدس والشعوب المستضعفة ومواجهة الاستعمار والاستكبار ولهذا فقد وضع الأسس التي تحافظ على كرامة وعزة الإنسان.. إنه الإمام الرسالي الذي سأل الله العون والنصر لانتشار كلمة لا إله إلا الله ولما كان هو شعلة الإيمان تمسك به الشعب وسار خلف خطواته لينهض ويناضل من أجل بقاء الدين والحق.
اعتمد الإمام الخميني (رضوان الله عليه) على أمور كثيرة لصنع الصحوة في العالم الإسلامي اهمها:
أولاً: عمل الإمام الخميني (رضوان الله عليه) على نشر الإسلام المحمدي الأصيل في مواجهة الإسلام الأمريكي والبريطاني والتحريفات التي طرأت على الإسلام من صنيعة الاستكبار كالأفكار الوهابية أو الدعوات لإهمال الحياة والتزهد وترك الكفر ينتشر بانتظار خروج الإمام المهدي (عج).
ثانياً: عمل منذ البداية على مكافحة الاستكبار والدفاع عن العقيدة وقال: “إننا لو أردنا التغيير فعلاً بالإسلام فيجب أن ننطلق منه لا أن نعتمد على إحدى القوتين العظمتين – وقتها – أمريكا والاتحاد السوفياتي، من أجل الوصول إلى أهدافنا”.
فقد كان مستشرياً بين حركات التغيير أنك لو أردت أن تحارب الرأسمالية لا بد من أن تنطلق من حضن الاتحاد السوفياتي ولو أردت محاربة الشيوعية الظالمة عليك أن تنطلق من حضن الولايات المتحدة الأمريكية فرفع الإمام (رضوان الله عليه) شعار لا شرقية ولا غربية بل حكومة إسلامية.
ثالثاً: عمل الإمام الخميني (قده) منذ البداية على وحدة الأمة الإسلامية ودعا إلى الوحدة الإسلامية وأعلن الفترة الممتدة بين 12 ربيع الأول ذكرى ولادة النبي محمد (ص) عند أغلب أهل السنة و17 ربيع الأول ذكرى ولادته عند أغلب أهل الشيعة أسبوعاً للوحدة الإسلامية للخروج من الانقسام والتفرقة إلى الوحدة كعنصر قوة لإطلاق الصحوة الإسلامية التي ستكون سبباً لتقدم الأمة، ولم يكتفِ بالإعلان بل كان يعقد في كل سنة في هذا الأسبوع مؤتمراً للوحدة الإسلامية.
رابعاً: دعا الإمام الخميني (قدس سره) لاعتبار الكيان الصهيوني غدة سرطانية لا بد من اقتلاعها من جسم الأمة لأنه عرف منذ البداية أن هذا الغرب المستعمر اخترع لنا الكيان الصهيوني، فأراد أن يقول للعالم الإسلامي إنكم لن تقوم لكم قائمة طالما أن هذه الغدة السرطانية موجودة بيننا وتفتك بجسد أمتنا والتي في حال انتشرت ستعمل على القضاء على كامل الجسم. وللوصول إلى هذا الهدف أفتى وهو ما زال عالماً مرجعاً وقبل أن يصبح ولياً للفقيه بجواز صرف الحقوق الشرعية من الخمس والزكاة للمقاومة الفلسطينية، وبعد انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران قال: “اليوم إيران وغداً فلسطين” أي أن تحقيق الجمهورية الإسلامية في إيران هو طريق لتحرير فلسطين وبادر مباشرة لإغلاق سفارة الكيان الصهيوني في طهران وأقام مكانها سفارة فلسطين، ودعا لتكون الجمعة الأخيرة من شهر رمضان يوماً للقدس، واعتبر أن إحياء يوم القدس هو إحياء للإسلام وذلك أن الإسلام لا يمكن أن يكون إسلاماً عزيزاً كما يريده الله عز وجل إلا إذا كان قادراً على حماية نفسه ومانعاً من احتلال أي جزء من أرضه.
ان نهج الامام الخميني كان ولايزال هو نهج الثورة واستنهاض همم الخيّرين لبناء الحاضر وضمان المستقبل، وقد واصل قائد الثورة الاسلامية سماحة الامام الخامنئي (دام ظله) هذه المسيرة الصاعدة بما ارتقى بالجمهورية الاسلامية الى اعلى المراتب، فايران اليوم آخذة بنواصي المعرفة والعلوم والتقانة النووية والفضاء والتسلح ولها دور اقليمي ودولي يدين له الاصدقاء والاعداء على حدٍّ سواء.
لقد رحل الامام الخميني تاركا وراءه أرثاً عظيماً من الانتصارات والعظمة والايمان والبصيرة والثقة بالنفس ، كما استطاعت الثورة الاسلامية التي قادها بحكمته وحسن تدبيره ورؤيته الثاقبة ان تعيد الوجه الحقيقي للجهاد الحق الذي يتصدى اليوم ببسالة لكل التحركات الاستكبارية والفتن التكفيرية والسلوكيات الارهابية التي جاءت بها اميركا و”اسرائيل” لتشويه الاسلام المحمدي الاصيل وللحيلولة دون تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني الغاشم.
باختصار شديد وبعد ٣٣ عاماً على الرحيل، نستشعر اليوم أنَّ الإمام الخميني ما زال – وسيبقى – حاضراً بقوَّة بجهاده وفكره ومنهجه وبساطته وحجم الإنجازات التي تحقَّقت على يديه، وهو ما يؤكّده الواقع. كما أنّ قوة الجمهورية الإسلامية الإيرانية والنهضة الإسلامية العالمية ومكانتها من أبرز المصاديق على الحضور الدائم والتأثير المتواصل للإمام الراحل.
نسأل الله – تعالى – أن تشمل رحمته الواسعة إمامنا العظيم بفضله وإحسانه، وأن يحشره مع أوليائه العظام وأن يرضيه عنّا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته