مترجم – بقلم السيد شفقت شيرازي مسؤول الشؤون الخارجية في حزب مجلس وحدة المسلمين باكستان
مما يجب أن يعلمه كل مسلم أن باكستان منذ تاسيسها مضت كدولة إسلامية مستقلة متحررة من الاستعمار البريطاني والإرهاب الهندوكي، إنما جاءت نتيجة صراع طويل شاق وتضامن واتحاد بين المسلمين كان مضربا للأمثال أدى في النهاية إلى خلق هذه الدولة المسلمة الفتية.ولقد حارب هذا التجمع الإسلامي من أجل عقيدة راسخة وهدف ثابت هو صون مجتمع المسلمين من الاضطهاد والتهتك وحفظ الثقافة والمبادئ الإسلامية من الاندثار على يد الهنادك وصيانة القيم الروحية من العبث والفساد، لذلك طالب المسلمون بوطن مستقل لهم ، وكان لأتباع مدرسة أهل البيت دور أساسي في مصيرها. من الناحية الدينية، ينتمي حوالي ثلث سكان البلاد إلى الديانة الشيعية. أي أن المجتمع الإسلامي الباكستاني مكون من أتباع الديانات الشيعية والسنية.
إن وجود باكستان اليوم ما كان ليتحقق لولا تكاتف الاخوان الشيعة والسنة وعملهم بروح الأخوة المتبادلة. فكما أن تأسيسها لم يكن ممكناً بدون وحدة واتفاق هذين الفرعين، فإن بقاء هذا البلد أيضاً غير ممكن بدون وحدة واتفاق كلاهما. لذا فقد بات واضحاً للجميع ان قيام دولة باكستان مبني على اجتماع هذين المكونين الذي لا يمكن لأي طرف تجاهل الاخر، وتعرض اي طرف للحرمان والغبن سيأثر سلباً على باكستان.
ولكن للأسف كانت هناك مدرسة فكرية في هذا البلد تعتبر ان قيام دولة حرة ومستقلة للمسلمين في هذه المنطقة هو خطيئة كبرى، حتى بعد قيام باكستان لم تتوقف عن التآمر وبث الفتن وكانت تحاول دائماً الهيمنة على ديانة الدولة من خلال ارتداء عباءة أهل السنة. وعملت هذه المدرسة ومنذ فترة طويلة على إثارة الخلافات ونشر الفتن المذهبية والتعصب في مجتمعنا.
وحظيت هذه الفئة على دعم من جهات داخلية وخارجية هدفهم الوحيد هو الهيمنة على هذا البلد ووضع الديانات المتعارضة على الحائط وحرمانهم من حريتهم الدينية. هم لا يريدون من أتباع الديانات المتعارضة أن يشاركوا في بناء وتنمية بلادهم وتقرير مستقبلهم ظناً منهم انهم الاولى بالحكم والسلطة. هم يريدون أن تبقى الأديان الأخرى لا سيما الشيعة منها ضعيفة ومهترئة من جميع النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية. لذلك نرى ولفترة طويلة تعرض مواطنو الديانة الشيعية للتفجير وعمليات القتل الممنهج من قبل المسلحين بسبب تعارضهم بالافكار كما أن أماكن عبادتهم تلطخت بدماء الأبرياء.
ومن ناحية أخرى، ان بعض أتباع الديانة الشيعية في باكستان عن جهل او نقص في الحكمة والبصيرة السياسية يعتبرون ان السياسة هي “لعبة شيطانية” يجب الابتعاد عنها “دعونا فقط نبكي ونحزن نحن أناس غير سياسيين”.
لكن إذا فكرت مليًا، فإن المستفيد الاول من هذا النهج هي الفئة التكفيرية التي تريد الاستفراد بالحكم والسيطرة على البلد بكل مكوناته (التعليمية، الاقتصادية والاجتماعية) والسيطرة على قراره وسياسته الداخلية والخارجية .
وهناك أيضًا قسم يعتبر نفسه سياسيًا وثوريًا وينشر الإمامة والولاية شفهياً، لكنه لم يحرك ساكناً لما تتعرض له الطائفة الشيعية من ظلم واضطهاد، فاغتصبت حقوقهم وحريتهم الدينية وقتل ابنائهم واختطفوا قسراً وهم لا يابهون. ليس لديهم الشجاعة لدخول الميدان بأنفسهم، وعندما يضحي مجاهد بنفسه من أجل حقوق وطنه وأمته، يبدأون في التصويب عليه وإطلاق النار، للاسف في الواقع يخدم هذا النهج أيضًا نفس الفئة التي تريد من المكونات الباكستانية المتعارضة ان تبقى ضعيفة وهشة.
عندما لا يكون لك أي دور في حل المشاكل التي تواجهها الدولة وليس لديك الحق في صنع القرارات المصيرية والأساسية في البلاد هنا تكون قد فقدت كامل حقوقك كمواطن وشريك في هذا البلد. بالقوة السياسية والاجتماعية تستطيع ان نتكسب الحقوق الضائعة. لذلك هناك حاجة للدخول في السياسة الرئيسية التي يريد عدوك إبعادك عنها بكل قوته، وللعب دور فاعل لمواجهة التهديدات والمشاكل.
كما يجب علينا اتباع خطى القائد الأعظم من أجل شرف الوطن وكرامته والحرية والاستقلال. لقد حان وقت العطاء والتضحية للقضاء على الظلم والفساد وسيادة القانون. قال آية الله العظمى، قائد الثورة الإسلامية، السيد علي الخامنئي دام ظله في 12/6/2013 إن رسالة الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) للمسلمين: “كن دائما على استعداد للدفاع عن الحق والسعي لتحقيق العدالة ومحاربة الظلم وتقديم ما لديك في هذا المجال”.
هناك حرب حرية حقيقية تدور في باكستان الآن ونحن بامس الحاجة للمشاركة والتكاتف والوحدة الكاملة، فان اذناب الخارج استولوا على السلطة وعبثوا فيها. لا ينقذنا الا انتخابات عامة تأتي بحكومة تمثل غالبية الشعب وتتمتع بولاية عامة ومطلقة تخرجنا من مستنقع الازمات وتعيد لنا سيادتنا وكرامتنا.
في الختام لا يسعنا الا ان نحيي الرؤية السياسية والحكمة التي يتحلى بها سماحة العلامة الشيخ راجا ناصر عباس جعفري رئيس حزب مجلس وحدة المسلمين باكستان ونحيي شجاعته في مبادرته الاخيرة ومشاركته شخصياً في حملة “املووا السجون” لاستعادة الحرية الحقيقية والاستقلال والديمقراطية وسيادة القانون ووقف التدخل الخارجي. لقد قدم سماحته نموذجا عمليا للقائد الكربلائي الذي ضحى بنفسه وكان في المقدمة امام الناس. نحيي شجاعة وحكمة وبصيرة قائد حزب مجلس وحدة المسلمين ونقول له إن الحركة التي فيها شغف الحسين وإخلاصه ستنجح بالتأكيد.